القميص الممزق في Casa Milan (مقر نادي ميلان) ويوم الطفل العالمي

إن أحد حقوق الطفل الأساسية، بغض النظر عن المكان الذي وُلد فيه في العالم، هو الحق في اللعب.
كمطاردة الأطفال للكرة و تشكيل فريق و تصميم ملعب باستخدام خيالهم... اللعب ليس مجرد مصدر ترفيهي للأطفال، إنه وسيلتهم للتشبث بالحياة، وطريقة للتعبير عن أنفسهم، وحيّزاً تتنفس فيه أرواحهم.

بالرغم من ذلك ما زال الأطفال، في بعض أنحاء العالم التي تطغى عليها الحروب والفقر والهجرة، يكافحون لحماية حتى أبسط حقوقهم. ومع هذا، فإن السعادة التي تُنير وجوههم وهم يركضون وراء الكرة تتلألأ كضوء ينبعث ويبدد الظلام.

وفي هذا اليوم، الواقع 20 تشرين الثاني / نوفمبر، يوم الطفل العالمي، القميص الممزق المعروض في صندوق زجاجي في متحف نادي (Mondo Milan ) الواقع في مقر نادي ميلان، لا يمثل فقط الفريق الذي يشجعه الطفل، بل يمثل أيضاً حياة تحتضن الحق في اللعب بكل قوة.

القصة بدأت على ضفاف النيل

في عام 2021 صادف المصور الحربي جان غراروب، أثناء عمله في جنوب السودان، مشهداً يجسد بالذات هذا الحق للأطفال.

فمن بين الأطفال الذين كانوا يلعبون على ضفاف النيل، كان هناك طفل يرتدي قميصاً أحمر وأسود لفريق ميلان ممزقاً في عدة أماكن، لكنه كان فخوراً بارتدائه.

وبالكاد يمكنك تمييز القميص:
كان ممزقاً من الكتفين إلى الصدر، وقد تمت خياطته عدة مرات بخيط سميك، و لونه باهتاً بسبب تعرضه لأشعة الشمس والطين. ومع ذلك، كانت الفرحة على وجه الطفل الذي يرتدي القميص ثابتة.

ووصف غراروب تلك اللحظة لاحقاً قائلاً:
“بمجرد أن رأيت القميص، أصبح قطعة فنية. فهو يرمز للحياة والتمسك

بالبقاء على قيد الحياة وحب كرة القدم ومحاولة الحفاظ على شيء كان الطفل يعتزُّ به جداً”.

عندما تحدث غراروب مع الطفل، اكتشف أن القميص الممزق هو قميص كرة القدم الأصلي والوحيد الذي كان بحوزة الطفل.

لم يعرف كيف وصل القميص إلى القرية، لكن ارتباط الطفل به كان واضحاً جداً.

أخبره المصور أنه سيعطيه قميصاً جديداً لنادي ميلان وعرض عليه تقديم المساعدة لعائلته، مقابل أن يأخذ القميص الممزق.

في البداية، تفاجأ الطفل، ولم يستطيع أن يفهم لماذا قد يرغب أحدهم بقميص مهترئٍ جداً كقميصه.
لكنه في النهاية، قبل العرض.

و سرعان ما وصل القميص الجديد والمساعدة، بينما سافر القميص الممزق عائداً إلى أوروبا داخل حقيبة غراروب.

وبمجرد نشر الصور، أثارت اهتماماً كبيراً في إيطاليا، وأخذت جماهير ميلان بالتحدث عن هذه القصة.

لم يقبل نادي أي سي ميلان ومؤسسة ميلان الخيرية (Fondazione Milan) أن تبقى هذه القصة مجرد صورة وحسب.

و بدأوا مشروعاً تضامنياً بالتعاون مع اليونيسف لدعم الأطفال في جنوب السودان.

أصبح القميص الممزق رمزاً لهذا التعاون، ليكون بمثابة تذكير عالمي بحق كل طفل في اللعب، حتى في خضم صعوبات الحرب.

الشاهد الصامت في Casa Milan (مقر نادي ميلان)

في 16 كانون الأول/ ديسمبر عام 2021 في الذكرى المائة والثانية والعشرون ( 122 ) لتأسيس النادي، عُرض القميص في متحف متحف نادي (Mondo Milan ) داخل مقر النادي (Casa Milan ).

لم يكن هذا القميص يلمع كباقي كؤوس المتحف؛ بل برز و تميّز بسبب مظهره البالي والمهترئ.

جميع الذين وقفوا أمام واجهة عرضه شعروا بالشعور ذاته:
هذا القميص لم يكن مجرد قصة عن كرة القدم، بل كان شاهداً صامتاً على ارتباط طفل باللعب أثناء محاولته البقاء على قيد الحياة.

وقد وصف نادي أي سي ميلان القميص بثلاث كلمات:
الشعور بالانتماء و الإخلاص والشغف.
وربما كان ينبغي إضافة كلمة رابعة:
الحقوق.
حق الأطفال في اللعب…

التزام ASAM على الأمد الطويل تجاه الأطفال

تذكرنا هذه القصة أنه على الرغم من تغير الأماكن الجغرافية، فإن احتياجات الأطفال هي نفسها. وفي هذا المجال تحديداً يأتي دور يأتي دور جمعية التنمية الاجتماعية وتعبئة المساعدات (ASAM)، التي لها تأثيراً إيجابياً على حياة آلاف الأطفال في تركيا على مدار سنوات عديدة.

تعمل ASAM من أجل تأمين حقوق الأطفال المتضررين من الحرب والهجرة القسرية والفقر، وتسعى
لضمان حقوقهم في اللعب والحصول على التعليم والنمو في بيئة آمنة وإسماع صوتهم، وتقوم بإنشاء مرافق صديقة للأطفال وتقديم الدعم النفسي – الاجتماعي لهم
وتطوير مشاريع لحماية حقوق الأطفال في منطقة واسعة تمتد من هاتاي إلى فان ومن إزمير إلى أنقرة.

إبتداءً من الأمل الذي ينبعث من علبة أقلام تلوين إلى اللعب ومهارات التلاعب بكرة القدم…
تُعبر أنشطة ASAM عن الثقة والسعادة والتضامن التي تعود من جديد في حياة الأطفال.

وهي تذكرنا بأن حقوق الأطفال ليست مجرد كلمات على الورق، بل هي مسؤولية علينا الحفاظ عليها كل يوم.

ملاحظة: تم الحفاظ على سرية هوية الطفل وموقعه ومعلوماته الشخصية
لضمان سلامته.